الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

شخلل علشان تعيش

(1)
"قرار جمهوري يقضي بدفع 100 جنيه عن كل حالة زواج أو طلاق".
"المصري يقدر يعيش باتنين جنيه في اليوم ولا يفرق معاه". – المستشار أحمد الزند، وزير العدل المصري.
 (2)
رجلٌ مزواج ذو عينين زائغتين، كلما رأى واحدة من جنس الإناث، فغر فاهه وسال اللعاب من فمه، وجرى عليها ليطلب القُرب منها. طبعاً، فالسُنَّة تأمر بذلك "مثنى وثلاث ورباع.." وهو رجل إسلامي النزعة، يتقرب إلى الله بجلبابه ولحيته وسبحته وزيجته، لكن ما دون ذلك يصنفه تحت بند النوافل.
رغم أنه يختبئ في ذلك تحت مظلة الإسلام، إلى أن الجميع يمقتونه ويعرفون سِرَّه جيداً، فهو لا يدرك من القرآن إلا آيات النكاح فقط، كل من حوله يعلمون أنه يقوم بعمل تباديل وتوافيق لمن يتزوجهن كما "الشطرنج". يعني يتزوج أربعة، ثم تعجبه واحدة أخرى، فيرمي الطلاق على إحداهن ليضع بدلاً منها الأُخرى.. وهكذا.
بعد القرار الجمهوري، لم يعد أحد يمقته، بل أصبح الجميع يُقَدِّره، فهو يقوم بعمل وطني. أهو منه يطبق الشريعة ويحل مشكلة العنوسة ويحرك المياه الراكدة، ومنه يمد خزينة الدولة بمائة جنيه في كل زواج ومائة جنيه أخرى في كل طلاق، ما يعني أن "الراس" واقفة عليه بميتين جنيه.
الآن، هو مرشح على أحد قوائم حزب النور في مرحلة الانتخابات الثانية، ينتظر في الأيام المقبلة إما أن يتلقى نبأ نجاحه وأنه أصبح عضواً في البرلمان، أو أن يختصم الرئيس السيسي أمام الله.
(3)
حكى لي سائق البيجو أنه في يوم من أيام الانفلات الأمني السوداء، كان مسافراً على الطريق الصحراوي، أوقفه فجأة كمين من قطاعين الطرق، قال له قائدهم "شخلل عشان تعدي". فطلب السائق بكل شهامة من الرُّكاب أن "يشخلل" كل واحد فيهم بما فيه النصيب من مال عشان الليلة تعدي. فشخللوا جميعاً ومروا آمنين.
لم أكن أتصور أن "الشخللة" سوف تصير أسلوب حياة وإدارة عندنا في مصر، وأنها سوف تنتقل من قطاعين الطرق لحُكَّام البلاد. صحيح لم نعد نرى قطاعين الطرق–وياللعجب- ولم نعد في حاجة لأن نشخلل عشان نعدي، لكننا أصبحنا في حاجة لأن "نشخلل عشان نعيش".
(4)
كما تعلم –عزيزي القارئ- أن دخول "عش الزوجية" مش زي خروجه لدى الإخوة المسيحيين الأرثوذوكس، فالطلاق مُحَرَّم عندهم، وهذا الأمر أصبح يقف على الدولة بخسارة.
لا أعلم مدى صحة الأنباء التي تواردت عن تفاوض جهات سيادية مع البطريركية لـ"بحبحة الأمر شوية".. عشان تحيا مصر.
(5)
الحكاية هنا عن رجل وطني، وطني وطني يعني، هو يرى أن الوطنية تعني أن يسير عمياني وراء من في السلطة لأنهم أدرى منه بشئون البلاد والعباد. يعني يوم 11 فبراير صباحاً كان  في "مصطفى محمود" ليدافع عن بابا مبارك.. وكانت معه زوجته. أما في 11 فبراير مساءً كان في ميدان التحرير يحتفل بانتصار الثورة.. وكانت معه زوجته. عندما أمر هشام قنديل المصريين بأن يرتدوا الفالنات –أيوه فالنات- القطنية وأن يجلسوا في غرفة واحدة لحل أزمة الكهرباء، لم يكذب صاحبنا خبراً وكان يقضي يومه مع زوجته نصف عراة في غرفة واحدة تنفيذاً لكلام دولة رئيس الوزراء. في 30 يونيو كان في رابعة العدوية يدافع عن شرعية مرسي.. وكانت معه زوجته. في 3 يوليو كان عند الاتحادية يحتفل بزحلقة مرسي.. وكانت معه زوجته. التزم صمتاً مريباً في فترة تولي عدلي منصور الحكم وغلب عليه طابع الكسل وكان يقضي أغلب وقته نائماً. لكن عند تولي السيسي رئاسة الجمهورية شعر بأن شيئاً ما قد اكتمل في داخله، –وللأمانة- لم يفوِّت تفويضاً ولا مظاهرة مؤيدة للسيسي إلا وشارك فيها.. ومعه زوجته.
كانت المدام مطيعة جداً، لم تكن تعرف كلمة "لا"، إلى أن أخبرها زوجها الوطني بزيادة أنه سوف يسمع كلام وزير العدل وسيجري تعديلاً "بسيطاً" على مصروف البيت، ليصبح مصروف كل منهما 2 جنيه. نكشت زوجته المسكينة شعرها، ورفعت الشبشب، وَثَبَت وانطلقت تجري وراءه وهي تصرخ وتسبه بأفظع الشتائم، والرجل ينُط ويفُط كالكرة الجلد.
خُيِّر صاحبنا بين اختيارين لا ثالث لهما.. زوجته أو مصر. أيكمل مع زوجته غير المقدرة للظرف الاقتصادي الحرج الذي تمر به البلاد، أم يرمي عليها طلاق تلاتة ليتخلص منها ويثري خزينة الدولة بثلاثمائة جنيهاً "عشان طلاق تلاتة يعني".
هنا، فَضَّل مصر على تلك الولية المهبوشة في دماغها، ولكن لم يحل بينه وبين تنفيذ الطلاق في الحال إلا أن الثلاثمائة جنيهاً لم يكونوا جاهزين بعد. فقرر أن يدَّخر مائة بالمائة من مصروفه اليومي "2 جنيه" لتنفيذ ذلك الأمر في أسرع وقت. فظل 150 يوماً لا يصرف مليماً أحمراً، لم يأكل، لم يشرب، لم يتحرك من مكانه، عاش على "البناء الضوئي".. إلى أن كَوَّن المبلغ المطلوب..
ثم رمى عليها يمين طلاق ثلاثة وهو على أحد أسِرَّة العناية المركزة.
(6)
طَب اللي هايطَلَّق مراته يدفع 100 جنيه.. اللي عايز يطَلَّق الحكومة يدفع كام ؟