السبت، 30 مارس 2013

سوبر مان يقضي على حُكم العسكر



قبل أن أتخذ قراري الحاسم القاطع بعدم الدخول في أية نقاشات مع أي إخواني إلا عندما يُصبح عندي مرارة (استبن)، كُنت كلما أخوض جدالاً مع أحدهم وظللت أشرح له سبب معارضتي للدكتور مُرسي، ولماذا أراه قاتلاً.. لأجساد المصريين ولأحلامهم، ينظر لي نظرة مليئة بالثقة "التي تصل إلى حد استفزازي" ويقول لي: -أكاد أشم في كلامه رائحة ورقة يقرأ منها-.
-          تنكر إن الرئيس مُرسي خلصنا من حُكم العسكر ؟؟ ها ؟؟ تنكر ؟؟
"كما لو أنه أفحمني"
صراحة لا أعلم إن كان هذا العضو الصغير في جماعة الإخوان المسملين مُضَــلَّل من قِبَل قيادته بتلك الحُجة المتهافتة، أم أنه هو من يُضَلِّل المصريين متعمداً. عموماً يرتاح ضميري للطرح الأول عن الثاني.. فأنا أعلم جيداً أن نفوس الكثير من أعضاء الجماعة لا تحمل كُل هذا الشر للشعب المصري (كما تحمل قيادات الجماعة –في نظري-) بقدر ما تحمل قدراً من السذاجة التي تجعلهم يصدقون ما تقوله القيادة دون تفكير فيه، وكأن أعضاء مكتب الإرشاد ملائكة أو رُسُل منزلة من السماء. –استغفر الله-.
أياً كان.. أتمنى أن يصح كلامي. وإذا لم يصح، فهُناك كارثة حقيقية تكمن في أن الأعضاء العاديين بالجماعة "وهم القطاع الأكبر منها" يحملون كُل هذا القدر من الكُره والشر تجاه باقي الشعب.
وبالتالي أنا أُوجه مقالي هذا لأعضاء الجماعة (الأخيار منهم على الأقل)، فالأشرار لا أمل في عودتهم للحق حتى ولو كتبت لهم آلاف المجلدات. فاللعبة هُنا ليست لعبة وجهات نظر.. بل هي لعبة نوايا.
نرجع لمرجوعنا .. مُرسي لم يقض على حُكم العسكر !
ولو كان ثائراً أو حتى "سوبر ماناً" في السُلطة لكان من رابع المستحيلات أن يقض على حُكم العسكر الذي توغل في البلاد طوال ستين سنة، بهذه البساطة.
لأن حُكم العسكر الذي هتفنا ضده ومازلنا، لا يتلخص في أعضاء المجلس العسكري الذين حكموا مصر في الفترة التي تسمى بالانتقالية. أتخيل الآن كل منهم مستلقياً على أريكته في بيته يلهو مع أحفاده بمظاريف "بدل الولاء" المكتظة بالمال، التي تُرسل له. تخيلوا معي كل من طنطاوي وعنان يجلس في حديقة بيته الفسيح، يحتسي القهوة تحت شمس الشتاء الدافئة في نسمة البرد اللطيفة هذه.. وعلى صدره قلادة النيل التي كرمه بها الرئيس المحترم. ولا عزاء للورد الذي قتلوه وسحلوه وعَروه ودهسوه وقتلوا أحلامه وثورته في فترة توليهم السلطة. جدير بالذكر أن ورودنا تقتل مرة أُخرى من حاكمينا الحاليين لتواطئهم مع من قبلهم وتخاذلهم في عدم تقديم القتلة للمحاكمة. بل وتكريمهم بأرفع الأوسمة.
وتضاف على الورود وروداً جديدة.. رحمك الله يا جيكا. -على سبيل المثال لا الحصر-.
حُكم العسكر الذي نهتف ضده كل يوم يعني مناصب قيادية بالدولة يشغلها عسكريون. يعني اقتصاد مُسيطر عليه من قبل العسكر. يعني دولة عسكرية فوق الدولة لا يراقب عليها أحد. يعني دولة يسيطر العسكر على كل مفاصلها. يعني أن يُمرر الرئيس دستوراً يأصل كل مفاهيم الحكم العسكري للدولة. يسقط حُكم العسكر.
رد الإخواني الذي أُناقشه "هارشاً في فروة رأسه": طيب ماهو انت لسة قايل لو كان ثائر أو حتى سوبر مان بيحكمنا مكانش هايقضي على حكم العسكر بالسهولة دي.. انت اتخلقت عشان تعترض وخلاص ؟؟
مُشكلتي الآن ليست هي عدم القضاء على حُكم العسكر.. فكلنا نعلم أن الأمر ليس بهذه البساطة، المشكلة تكمن في استخفاف الرئيس وجماعته بعقول من يحكمون، وتصوير للشعب المصري أنه تم القضاء على حُكم العسكر. بينما الحقيقة غير ذلك. وبالتالي عدم أخذ خطوات للقضاء على حُكم العسكر.
عزيزي رئيس الجمهورية.. رجاء لا تستخف بعقولنا، فأنت لا تحكم خرافاً.

علي هشام
18 مارس 2013

السبت، 16 مارس 2013

من أمام مكتب الإرشاد



هجم مع جماعته على المتواجدين أمام مقر مكتب الإرشاد -حاكم البلاد- من شباب وبنات يرسمون الجرافيتي على الجدران. صفع إحداهن على وجهها، وضرب زميل آخر له أحدهم حتى جرحه في وجهه.. جرح جديد غير الذي أُصيب به في موقعة الاتحادية على يد نفس الجماعة. وإخواني أصدر لجميع المتظاهرين صوت بذيء من باطن حلقه.
انفضت كُل التجمعات من أمام المقر.. ولم يبق سواهم. كانوا يهتفون: الإسلام هو الحل .. الإسلام هو الحل .. الإسلام هو الحل !!!

علي هشام
16 مارس 2013





الأربعاء، 13 مارس 2013

مركب ورق


لا أحد في الشارع غيرهما، كل المحلات مغلقة، وأبواب المباني مقفولة بالجنازير، شباك العناكب تملأ أغلب الأركان، الخوف والهدوء الحذر يملآن المكان، لا وجود لأي سيارات، ولا حتى لقطط أو كلاب، عواصف متتالية تأتي محملة بكثير من الأتربة والقمامة مما يجعل الصديقين يتعانقان حماية لنفسيهما، المال يتطاير من جيوبهما المكتنزة به، وكلما طار جنيه من جيب أحدهما، قال له الآخر بقلة اكتراث وكأنه شيء معتاد:
" حوش حوش .. حوش الورق".                                 
سارا في هذا الطريق المجهول الذي لا نهاية له، لا يعرفان إلى أين هُما ذاهبان، ولا من أين أتيا.
ابتلع أحدهما ريقاً لا وجود له، وقال للآخر بصوت جاف:
-          أنا عطشان !
-          وانا كمان !
-          معانا فلوس، صح ؟
-          كويس كويس.
-          صح، كويس كويس.
عاد الصمت يسيطر على المشهد، واستمرا في المشي دون توقف.
وبعد دقائق:
-          طب وبعدين ؟؟ ماهو احنا عطشانين !
-          مش احنا معانا فلوس ؟؟ كويس كويس.
-          صح، كويس كويس.
وبعد فترة ليست بالطويلة، كان الصديقان يجلسان على رصيف بجانب الطريق الخالي:
-          بقول لك إيه .. مش كنت عايزني اعلمك تعمل مركب ورق ؟؟
دَس يديه في جيوبه .. وأخرج ما فيهم من أوراق نقود .. وبدأ الدرس.

علي هشام
22 فبراير 2013