الأربعاء، 13 مارس 2013

مركب ورق


لا أحد في الشارع غيرهما، كل المحلات مغلقة، وأبواب المباني مقفولة بالجنازير، شباك العناكب تملأ أغلب الأركان، الخوف والهدوء الحذر يملآن المكان، لا وجود لأي سيارات، ولا حتى لقطط أو كلاب، عواصف متتالية تأتي محملة بكثير من الأتربة والقمامة مما يجعل الصديقين يتعانقان حماية لنفسيهما، المال يتطاير من جيوبهما المكتنزة به، وكلما طار جنيه من جيب أحدهما، قال له الآخر بقلة اكتراث وكأنه شيء معتاد:
" حوش حوش .. حوش الورق".                                 
سارا في هذا الطريق المجهول الذي لا نهاية له، لا يعرفان إلى أين هُما ذاهبان، ولا من أين أتيا.
ابتلع أحدهما ريقاً لا وجود له، وقال للآخر بصوت جاف:
-          أنا عطشان !
-          وانا كمان !
-          معانا فلوس، صح ؟
-          كويس كويس.
-          صح، كويس كويس.
عاد الصمت يسيطر على المشهد، واستمرا في المشي دون توقف.
وبعد دقائق:
-          طب وبعدين ؟؟ ماهو احنا عطشانين !
-          مش احنا معانا فلوس ؟؟ كويس كويس.
-          صح، كويس كويس.
وبعد فترة ليست بالطويلة، كان الصديقان يجلسان على رصيف بجانب الطريق الخالي:
-          بقول لك إيه .. مش كنت عايزني اعلمك تعمل مركب ورق ؟؟
دَس يديه في جيوبه .. وأخرج ما فيهم من أوراق نقود .. وبدأ الدرس.

علي هشام
22 فبراير 2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق